اذن المعطيات التي كانت متوفرة في ذلك الظرف العصيب هي تمرد الفرق المختصة ورهائن موجودون في المطار من ناحية ومن ناحية اخرى الجيش استدعى كومندوس على متن طائرة مروحية من بنزرت وتحديدا من ثكنة الرمادية إلى ثكنة العوينة حينها أيقنت أن مجزرة على وشك الوقوع وهي مواجهة بين الجيش والفرق الأمنية المختصة من اجل تحرير المحتجزين. وكان لابد من وقف الكارثة قبل أن يعطى الأمر باطلاق سراح الرهائن فكان لزاما إقناع الرئيس وان لزم الأمر إجباره على المغادرة درءا لحمام الدم الذي كان من الممكن أن يقع لو بقي الرئيس وباشر اوامره بتحرير المحتجزين. وعليه فانه في يوم 14جانفي جنبت المواجهة بين الجيش والامن واستجبت لنداء الشعب ومن ناحية اخرى حافظت على الرمز الرئيس وأديت المهمة الموكلة إليّ على اكمل وجه وشرفت كل العاملين بالأمن الرئاسي فخروج الطائرة لم يكن عاديا فهناك اعوان خاطروا بأرواحهم من اجل انجاح المهمة لان ذلك هو دورهم ولو كنت اريد شيئا آخر كما تصور البعض فقد كان بامكاني احتجاز الرئيس لكن العسكري لا يخون ولا يتسيّس مهما كانت الاغراءات .
اما الاطراف التي روجت ان علي السرياطي يريد السلطة فهي التي خلقت هذا السيناريو لضرب القوة الوحيدة التي كانت متماسكة يوم 14جانفي وهي الأمن الرئاسي ولا يكون السبيل لذلك إلا بإلقاء القبض على مدير الأمن الرئاسي -ففي كل ميدان هناك من تنقصه الخبرة والجرأة والثقة في النفس في الاوقات الحرجة مما يضر به وبمصالح الدولة وهذا ما وقع لي فقوة رجل الدولة وحنكته تظهر في الأزمات-فلو كانت هذه الاطراف في ذلك اليوم تريد حقا مصلحة الدولة بعد خروج بن علي لما روجوا لتلك الإشاعات الكاذبة عن معارك تدور بين الأمن الرئاسي والجيش لكن هذه الإشاعات وقعت بالضبط بعد أن تم إيقافي بالثكنة العسكرية بالعوينة ليروج انه تمّ القبض عليّ وانا أحاول الهروب الى ليبيا عبر بن قردان وهذه الاشاعات مقترنة بالمواجهات بين الأمن الرئاسي والجيش ولتأكيد فرضية أن علي السرياطي كان يرغب في الانقضاض على السلطة في حين أن المطلوب في تلك الفترة لو كانت هناك رغبة في مصلحة البلاد أن يتم التوجه للشعب بخطاب تطميني يؤكد أن الرئيس غادر البلاد والسلطة وانه تم اعتقال الطرابلسية وكان من شأن هذا الخطاب ان يجتنب البلاد الخسائر البشرية التي وقعت بعد 14جانفي وهي سقوط 200 قتيل".
وبخصوص خطر الإرهاب الذي يهدد تونس, قال السرياطي: "في ما يخص الوضع الراهن واستفحال الإرهاب فانه من الصعب التصدي له لأنه من المعمول به في حالات كهذه أن يكون التصدي له بطريقة استباقية وليست حينية لأنه إذ تغلغل يصبح من الصعب استئصاله كالجرثومة التي لابد أن يتم التلقيح لها مسبقا قبل أن ينتشر المرض لأنه إذ لم يتم اتخاذ الاحتياطات تصعب المقاومة".
وحول حقيقة القناصة, قال السرياطي: "الشيء الذي اتمسك به بحكم خبرتي هو ان هناك طرفا ثالثا هو الذي احدث البلبلة في البلاد وعكر الصفو العام وهو مجهول لكن نوعية السلاح الذي استعمله غير مجهولة –عيار 62- والطرف الثالث ليس من الأمن ولا من الجيش بل هو طرف مدني ...والغريب ان الاحتجاجات على مدار 21 يوما اي منذ حرق البوعزيزي لنفسه لم تسفر عن وجود قتلى ....فما معنى ان تحدث في تالة والقصرين يوم 8 جانفي ليلا اعمال عنف دامية ؟فالمرجح ان هذا الطرف الثالث المختفي في جبل الشعانبي قد استغل الظرف ليوقع بين المواطنين والامنيين ومنذ ذلك الوقت انطلقت المواجهات وما اسفرت عنه من قتلى وجرحى ...وانا لم انطق على الهوى فقد ثبت من خلال شهادات حراس الغابات ان هناك عناصر ارهابية تمتلك اسلحة موجودة في جبال الشعانبي منذ 2008وتبين كذلك انهم يمتلكون نفس السلاح عيار 62 الذي قتل به المواطنون في تالة والقصرين ...وأصرّ مرة اخرى على ان هناك طرفا ثالثا مدنيا".
أما بخصوص موضوع اعلان الجهاد من طرف الخلايا الارهابية ضد الأمن والجيش ونعتهم بالطواغيت, أكد مدير الأمن الرئاسي السابق: "الخلايا الارهابية تعتبر الامن والجيش طواغيت لأنهما الوحيدون القادرون على التصدي لهم والوحيدون الذين يملكون السلاح. فالمواطن الأعزل لا حول له ولا قوة له لكنها هي في الحقيقة ضد الجميع فعقيدة الارهابيين مبنية على رفض الغير الذي لايجانسهم".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق